كيفية تحفيز النفس عند فقدان الحافز واستعادة الشغف
يمر الكثير من الأشخاص والأفراد في مختلف الظروف، ومن وقت لآخر بفقدان الشغف والإحباط، وعدم الرغبة في فعل أي شيء أو إنجاز أي مهام حياتية أو مواصلة العمل. نتيجة العديد من العوامل، منها الظروف الشخصية للفرد، أو التعرض لمشاكل ومواقف مزعجة وغير مرغوبة.
فقد يواجه الشخص ضغوطا عديدة سواء في محيط العمل أو الدراسة أو المنزل أو غيرها، والتي بدورها تجعله يشعر باكتئاب مؤقت، يصحبه انعدام للشغف والدافع للاستمرار، وافتقار للحافز.
وبالرغم من أن هذه الحالة هي نتاج طبيعي للمواقف التي يتعرض لها الفرد في حياته ومن التعامل مع الآخرين، إلا أنها تؤثر بشكل كبير على سلوكه الذي يحدد كيفية حل المشاكل وكيفية استعادة الحافز تجاه ما يفعله الشخص، لهذا يجب أن يبذل الفرد كل ما بوسعه للتخلص من الإحباط واليأس.
ما الذي يجب علينا فعله حينما نفقد الشغف؟
يشير بعض الكُتاب في مجال التنمية البشرية إلى أن حديث الشخص إلى نفسه بصوت مسموع، له تأثير كبير على أفعاله، فمثلا حينما يكون الشخص في حالة إحباط وفقدان الحافز، فلا يجب أن يتحدث إلى نفسه بطريقة سلبية أو أشياء تزيد من يأسه، لأنها قد تفاقم شعوره بالاحباط، بل ينبغي هنا أن يتحدث الشخص مع نفسه ويستخدم جمل يشعر معها بالارتياح والاطمئنان تجاه مشكلته، مثل:
- “لا بأس سأقوم بحل هذه المشكلة بطريقة أخرى”
- “أنا قوي وسأستطيع النجاح في هذا الأمر”
- “أنا سأقوم بإنهاء كل الأعمال في الوقت المحدد وبشكل جيد”
- “أنا سأنجح في هذا الامتحان وأحرز الدرجة الكاملة”
وغيرها من الجمل المريحة التي تناسب مشكلته.
ولهذا الأسلوب طريقة سحرية في التقليل من حدة الإحباط وتعزيز الثقة بالنفس واستعادة الحماس.
أفكارك هي التي توجهك
إن تحفيز الفرد لنفسه شيء يختلف تمامًا عن تحفيز شخص آخر له، فالكلمات التي يقولها الشخص لنفسه تكون ذات وقع أكبر من سماعها من شخص آخر، لأنها تكون نابعه من داخله وبالتالي يستشعرها بشكل أكبر.
وفي هذا الصدد تقول الكاتبة روندا بيرن في كتابها “القوة”، أن الأفكار لها دور كبير في زيادة الاحباط أو تقليله، فحينما نفكر تجاه المشكلة بشكل سلبي، يزيد اليأس والاحباط، وعلى العكس حينما نفكر بطريقة ايجابية نشعر بأن المشكلة أقل تعقيدا مما ظننا.
ولكي نستطيع التفريق بين التفكير السلبي والتفكير الايجابي يجب الانتباه إلى أن الأفكار الايجابية موجهة لما نحبه ونريده، وعلى العكس فإن الأفكار السلبية موجهة لما يضايقنا. ويجب أن ننتبه دائما للأسلوب الذي نتحدث به، فلا ينبغي أن نكثر من الكلام عن الأشياء التي نكرهها.
كما أنه من الطبيعي أن يشعر الفرد بشعور سيء تجاه بعض المواقف التي يتعرض لها، لكن التفكير بشكل مستمر وتضخيم الموقف هو ما يؤدي بدوره إلى تفاقم الإحساس بالإحباط لدينا ويعقد الموقف أكثر مما يبدو عليه.
بناء عادة جديدة
يشير الكاتب جيمس كلير في كتابه “العادات الذرية” إلى أن أفعالنا اليومية تحدث بفعل العادة بنسبة 40-50%، فالعادات خيارات أوتوماتيكية تؤثر على القرارات التي نتخذها، ويمكن استخدام هذه القاعدة لبناء عادات جديدة نستطيع من خلالها الحد من الإحباط وتجديد الحماس وتوليد الحافز للقيام بأعمالنا وأنشطتنا بأفضل حال، ومنها:
- ابدأ يومك بمهام صغيرة يمكنك إنجازها: فعندما تبدأ يومك بفعل أشياء صغيرة غير معقدة، تشعر بعدها بازدياد الحافز للقيام بالمزيد من المهام.
- تخيل إنجازاتك: حينما تقوم بتخيل الأشياء التي تريد أن تفعلها، يجعلك هذا الأمر أكثر استعدادا وحماسا لتنفيذ الخطة التي وضعتها في عقلك، ويكون هذا بمثابة حافز كبير لك.
- مكافأة النفس بعد القيام بمهمة: ومما يحدث الفرق أيضا هو التحفيز من خلال المكافأة، كتناول طعام تحبه، أو الذهاب للسينما، أو الذهاب في نزهة، أو الذهاب لمطعم، أو غيرها من الأشياء التي يحبها الفرد، فهذه العادة تعطي الشعور بالسعادة وتولد الحافز.
- اجعل محيطك مليئًا بالأشخاص الناجحين والإيجابيين: إن إحاطة الفرد نفسه ودائرة حياته بأشخاص ناجحين وعمليين، يجعله يصبح أكثر تحفزًا وإنتاجًا ونشاطًا، ويقوم على تغييره من الداخل شيئًا فشيئًا. كما أن الأشخاص الناجحين لديهم قدرات فعالة في تخطي الإحباط والكسل واليأس، ويستثمرون مشاكلهم لتطوير ذواتهم.
- مكتبك مرآة تعكس حالتك الذهنية: الترتيب والنظافة لهما دور كبير جدا في إزالة التوتر والشعور بالراحة، لذلك يجب عليك الاهتمام بشكل المكتب أو المكان الذي تعمل فيه، وتبني عادة الترتيب.
كما يعتبر أكثر الأشخاص الذين يهتمون بشكل مكاتبهم وترتيبها هم أكثرهم إنتاجية ونشاطًا من غيرهم. على العكس، فإن أصحاب المكاتب الفوضوية كثيرو التشوش من غيرهم ويصعب تركيزهم على عملهم.
التسويف ومنطقة الراحة
إن التسويف والبقاء في منطقة الراحة هما من أكثر الأشياء التي تعتبر أعداء النجاح والتحفيز والتطور، كما تعمل على إحباط الفرد وازدياد كسله.
والتسويف، المعروف أيضا بالمماطلة، هو حالة مرضية يقوم فيها الشخص بتأخير كل المهام التي يريد القيام بها، وتضييع وقته في أشياء أقل أهمية أو غير مفيدة. أما منطقة الراحة، فهي منطقة وهمية يكون فيها الفرد غير راغب في عمل أي مجهود ذهني وبدني، وهي تعني حب الكسل ورفض العديد من الأنشطة سواء أكانت مهمة أم لا. وقد يشعر الفرد داخل منطقة الراحة بالدفء والأمان والراحة النفسية الوهمية، لكن بالمقابل، فهي تسلب الفرد من أداء مهامه، وتمنعه من اكتساب خبرات وتجارب، كما تمنعه من التقدم والتطور في حياته بشكل جيد.
وللخروج من منطقة الراحة فوائد عدة، أبرزها:
- اكتساب المرونة: حينما تقرر القيام بنشاط أو عمل غير مريح جسديا أو ذهنيا بالنسبة لك، لكنه سيفيدك، فهذا بدوره يساعدك على تقليص منطقة الراحة، وكلما قمت بنشاطات أكثر اكتسبت مرونة أكثر.
- تحدي النفس: عندما تتحدى نفسك وتؤدي مهام صعبة، فأنت بذلك تضع حدا لسيطرة الخوف والكسل عليك، ومع الاستمرار في تحدي نفسك ستزيد قوتك أكثر.
- زيادة الثقة بالنفس: الثقة بالنفس لا تأتي إلا بالخروج من منطقة الراحة، حيث أن الثقة لا تدرك بسهولة، بل تأتي عن طريق الاجتهاد والتجارب والاحتكاك مع البيئة والمجتمع حولنا.
بعض النصائح التي تساعدك في الخروج من منطقة الراحة:
- اختيار مهمة واحدة أو هدف لتنفيذه، وعدم اختيار العديد من الأهداف حتى لا يشعر الشخص بالصعوبة ويلغيها، وبالتالي يستسلم للكسل.
- محاولة كسر الروتين الممل وتغييره.
- محاولة حصر الأسباب التي تجعل الفرد خائفًا من الخروج من منطقة الراحة، ثم التغلب عليها تدريجياً.
ويجب الأخذ في الاعتبار أن الإحباط وفقدان الحافز شيء طبيعي يحدث للكثير منا، وليس دائمًا بل يزول، كما أن معظم المشاكل التي تسبب لنا الإحباط وفقدان الحافز لها العديد من الحلول، سواء على الصعيد الشخصي أو الاجتماعي، وحتى في العمل، فقط إذا غيرنا طريقتنا في النظر إليها، وإذا طبقنا هذه الإرشادات وتبنينا عادات جيدة، تساعدنا بدورها على استعادة نشاطنا وحافزنا في الحياة.
المصادر:
كتاب “القوة” للكاتبة روندا بيرن
كتاب “العادات الذرية” للكاتب جيمس كلير