تأثير الذكاء الاصطناعي في الطب: من التشخيص إلى الجراحة
لأنّها أصبحت رديفة لكافّة المجالات والتخصصات، يغزو الذكاء الاصطناعي العالم الطبي من أوسع أبوابه. لقد أصبح من المُلفت والرائج في معظم الدول دمج تقنيات الذكاء الاصطناعي بشكلٍ واضح وملحوظ في مختلف القطاعات الصحية، بدءًا من تشخيص البكتيريا وانتهاءً بالعمليات الجراحية الضخمة، مرورًا بتركيب الأطراف الصناعية وزرع الأعضاء البشرية.
في آخر التجارب التي نجحت في دمج الذكاء الاصطناعي في المجال الطبي، لُوحظ أنّ الدمج لا يقتصر على إيجاد بدلاء للأطباء، وهي الصورة النمطية الشائعة. بل يتسع مجال الذكاء الاصطناعي في الطب ليشمل الأدوات التي تساعد الأطباء، حيث تضمن أعلى مستويات الكفاءة والدقة أثناء العمل، بغض النظر عن طبيعته.
نظرًا للاحتياج الكبير للأطباء، الناجم عن نقصٍ عالميّ حادّ في أعدادهم، تعمل تقنيات الذكاء الاصطناعي على تسريع العمليات والإشراف عليها، وتوزيع المهام ضمن فريق العمل.
كيف تساعد تقنيات الذكاء الاصطناعي في التشخيص؟
بدأ عهد الذكاء الاصطناعي في المجال الطبي مع صور الأشعة بأنواعها المختلفة، بدءًا من الأشعة السينية وصولًا إلى الصور النسيجية الأكثر تعقيدًا ودقة، مرورًا بتصوير الرنين المغناطيسي والصور الطبقية. فيما بعد، بدأت تقنيات الذكاء الاصطناعي تُستخدم في تشخيص الأورام السرطانية (الخبيثة والحميدة)، وأمراض القلب وتصلب الشرايين، والتهابات شبكية العين والقرنية، والتليف الرئوي، والتلبك المعوي، وأمراض الجهاز الهضمي والتناسلي. كما يتم تدريب تقنيات الذكاء الاصطناعي على تشخيص الأمراض الجلدية النسيجية، وتصنيف الآفات الجلدية بدقة تضاهي الأطباء البشريين.
الجراحة باستخدام الروبوتات
الصورة العامة السائدة عن دمج الذكاء الاصطناعي بالقطاع الصحي هي الروبوتات التي تحاكي الإنسان. من المهم التوضيح أنّ الروبوت قد يكون جهازًا أو نظامًا محوسبًا، ولا يشترط أن يكون له هيكل خارجي يشبه الإنسان، فهذه صورة واحدة من بين أشكال الروبوتات المتعددة. يتم تطبيق هذه التقنية في العديد من العمليات الجراحية، حيث يوجه الروبوت الجراحين قبل العملية أو خلالها أو بعدها من خلال دمج المعلومات من قواعد البيانات المختلفة. من فوائد استخدام الروبوتات في العمليات الجراحية أنها تتيح دقة أكبر وتقليل حجم المنطقة الجراحية، مما يسرع عملية التعافي ويقلل من مدة الإقامة في المستشفى.
الذكاء الاصطناعي في الأطراف الصناعية
فيما يتعلق بالأطراف الصناعية، تحمل التقنية نتائج مبشرة، حيث نجح طرف صناعي من شركة Prensilia في إثبات فعالية نهج الأطراف الصناعية عبر إنشاء واجهة بين الإنسان والآلة. تقوم هذه التقنية بترجمة إشارات الدماغ وتحريك الطرف الصناعي بدقة، مما يسمح بالتحكم الفائق بالأقطاب الداخلية الكهربائية والتفاعل مع الجهاز العصبي.
التجارب الذكية باستخدام الذكاء الاصطناعي
في هذا المجال، تبحث التقنية عن المختصين الأكثر كفاءة لتنفيذ تجارب معينة من خلال ربط قواعد البيانات داخل المؤسسة. استفادت التجارب والاختبارات السريرية حول العالم من خوارزميات الذكاء الاصطناعي، حيث يتم تحليل البيانات والمعلومات العلمية بشكل أعمق، مما يعزز عمليات اتخاذ القرار.
الذكاء الاصطناعي في مشفى الملك فيصل التخصصي السعودي
يبرز الدور التكنولوجي في مشفى الملك فيصل التخصصي الذي يعمل منذ نحو ست سنوات على تطوير وتوظيف تقنيات الذكاء الاصطناعي. من إنجازات المشفى تطوير أكثر من عشرين تطبيقًا للذكاء الاصطناعي، أبرزها تطبيق تقنيات التعلم العميق لتحليل الصور الطبية بدقة، مما ساهم في فهم أعمق لحالات المرضى وسرع من عملية العلاج.
هذه الابتكارات تساهم في تعزيز مكانة “التخصصي” كمشفى رائد في مجال الرعاية الصحية الذكية على مستوى العالم. كما ساهم هذا التطور في ترشيحه لعدة جوائز عالمية، من بينها جائزة الريادة في الذكاء الاصطناعي لعام 2022 وجائزة تميز الأعمال العالمية لعام 2024 عن فئة أفضل استخدام لرؤى وملاحظات العملاء، وذلك بفضل تطوير تطبيق “أنفال” الذي يقوم بتحليل آراء المرضى وتجاربهم باستخدام الذكاء الاصطناعي.
الذكاء الاصطناعي: واقعٌ يُفرَض
الذكاء الاصطناعي لم يعد رمزًا منبوذًا أو مخيفًا كما كان يُعتقد، خاصة بين الأطباء الذين يخشون أن تحل التقنيات الحديثة محلهم. بل هو مكمل للنواقص في التخصصات المختلفة، ويمكنه أن يعزز عمل الخبراء في حال تم استخدامه بشكل صحيح. هذا ما يعكسه التطور الطبي في الوقت الحالي، مقارنة بالماضي.