الهجرة: أسبابها وآثارها على الأفراد والمجتمعات
تُعرِّف وكالة الهجرة التابعة للأمم المتحدة (IOM) المهاجر بأنه أي شخص ينتقل أو انتقل عبر حدود دولية أو داخل دولة بعيدًا عن مكان إقامته المعتاد، بغض النظر عن: أولًا الوضع القانوني للشخص، وثانيًا ما إذا كانت الحركة طوعية أو غير طوعية، وثالثًا ما هي أسباب الحركة، أو رابعًا ما هي مدة الإقامة.
ارتباطًا بما سبق، فإنّ الهجرة ظاهرة إنسانية قديمة تتجلى في تنقل الأفراد بين الدول والمناطق بحثًا عن فرص أفضل أو هربًا من الظروف الصعبة التي تواجههم في أماكن معيشتهم. فهي ليست مجرد انتقال جسدي، بل هي أيضًا انتقال ثقافي واجتماعي يساهم في تشكيل المجتمعات الجديدة. تتنوع أسباب الهجرة بين الرغبة في تحسين المستوى المعيشي، والبحث عن الأمان، والتعليم، مما يجعلها موضوعًا معقدًا يتطلب فهمًا عميقًا لتأثيراتها على الأفراد والدول على حد سواء.
سنسلط الضوء في هذا المقال على الجوانب المختلفة للهجرة، بما في ذلك الأسباب والدوافع، والتحديات التي يواجهها المهاجرون، والآثار التي تتركها على المجتمعات المستقبلة.
في بداية الأمر، وبعد الحديث عن الهجرة وتعريفها، فما هي أنواع الهجرة؟
أنواع الهجرة
تُصنف الهجرة إلى عدة أنواع، منها:
- الداخلية: هي عبارة عن الانتقال من مكان إلى آخر لكن ضمن حدود دولة معينة، مثل الهجرة من الريف إلى المدينة.
- الخارجية: عكس الهجرة الداخلية، وتعني الانتقال من دولة إلى أخرى.
- القسرية: وهي التي تشمل اللاجئين والمشردين الذين يُجبرون على إخلاء مكان معيشتهم ومغادرة بلادهم، إما بسبب الحروب (وهي الأكثر انتشارًا) أو النزاعات أو الاضطهاد.
- الطوعية: وهي التي يلجأ إليها الأفراد دون ضغط من جهة معينة، إذ ينتقل الفرد من مكان إقامته إلى مكان آخر لأسباب متنوعة.
- العائلية: وهي التي تتم عن طريق انتقال جميع أفراد العائلة من مكان إلى آخر.
- الاقتصادية: تحدث بسبب الرغبة في تحسين الوضع الاقتصادي وزيادة الدخل.
- الهجرة المؤقتة: إقامة الأفراد في بلد أجنبي لفترة محددة، إما لإنهاء عمل أو دراسة أو علاج طبي.
أسباب الهجرة
- الأسباب الاقتصادية: تُعتبر من أهم الدوافع المسببة للهجرتين الداخلية والخارجية وأكثرها تأثيرًا في الأفراد، وتتمثل في تدني المستوى الاقتصادي للأفراد، الأمر الذي يحدّ من طموحهم في عيش حياة مرفهة مع العائلة والأصدقاء؛ لذا يسعون للهجرة إلى إقليم أو دولة تقدّم لهم عرضًا وظيفيًا بأجر يضمن لهم حياة أفضل مما كانوا عليها.
- الأمان: كثيرًا ما يكون سبب الهجرة هو البحث عن الأمان في بلد خالٍ من الحروب والنزاعات التي تؤثر سلبًا على أسلوب معيشة الأفراد.
- التعليم: يمكن أن يكون التعليم هو أحد أسباب الهجرة، حيث يبحث الفرد عن فرص تعليمية أفضل تتيح له تحقيق مستوى أكاديمي أعلى للحصول على وظائف جيدة، أو تخصص مهني محدد غير موجود في مكان إقامته.
آثار الهجرة
تؤثر الهجرة بشكل عميق على الأفراد والمجتمعات، ولها إيجابيات وسلبيات تحتاج إلى إدارة مناسبة. وبعد الحديث عن أنواع الهجرة ومسبباتها، إليكم بعض الآثار التي تُخلفها الهجرة سواء على المهاجرين أو الدول المستقبلة والدول الأصلية.
الآثار السلبية على الفرد:
- قد يحتاج المهاجر إلى المال إذا انتهى ماله.
- قد يتعرض المهاجرون للعنصرية.
- قد يواجه الفرد صعوبة في تعلم لغة جديدة لا يعرفها.
- تأثير الهجرة على الصحة العقلية للفرد، فقد يشعر بالاكتئاب والإحباط بسبب عدم قدرته على التواصل مع أحد.
الآثار الإيجابية على الفرد:
- تساعد الأفراد الشباب على تعزيز آفاق حياتهم والسعي لتحقيق أهدافهم.
- تجعل الأشخاص يتصلون بأساليب حياة جديدة ومبتكرة.
- يكتشف الأفراد أماكن جديدة بالإضافة إلى التعرف على أشخاص جدد.
- تساعد الفرد على الاعتماد على الذات وزيادة شعور الفرد بالثقة بالنفس.
- يستطيع الفرد التعرف على لغة جديدة واكتساب عدة لغات وزيادة مهاراته للحصول على فرص عمل أفضل.
الآثار السلبية على المجتمع:
- يمكن أن يحدث اكتظاظ في سكان الدولة المستقبلة بسبب استقطاب أشخاص جدد إلى البلد.
- قد تحدث زيادة في مستويات التلوث في الدولة، بالإضافة إلى زيادة الضغط على الموارد الطبيعية.
- قد تخسر الدولة العمال الشباب وبالأخص المدربين تدريبًا عاليًا، وخاصة العاملين في القطاع الصحي.
- يصبح هناك ضغط على المدارس والرعاية الصحية في الدولة.
الآثار الإيجابية على المجتمع:
- تؤثر الهجرة على المجتمع في زيادة التنوع الثقافي، أي بمعنى تقبل ثقافة الآخرين.
- تعمل على تطوير وتعزيز الاقتصاد المحلي وتساعد على خلق فرص عمل جديدة في المجتمع، كما تساعد على تحسين المستوى الاقتصادي للأشخاص المهاجرين.
- تزيد من إيرادات الضرائب الحكومية.
- تساعد على سد الشواغر في الفجوات والوظائف، أي تقوم بملء الوظائف الشاغرة.
- تحسن من المستوى الاقتصادي للدول النامية التي تكون نسبة البطالة فيها عالية.
- يعمل العمال بأجور قليلة ويكونون على استعداد للقيام بالوظائف التي لا يقبل السكان المحليون القيام بها.
حلول مقترحة للحد من ظاهرة الهجرة:
- توفير فرص عمل للشباب.
- الاهتمام بمؤهلات الشباب من خلال توفير بعض الامتيازات المهمة، مثل التأمين الصحي، والمسكن، ووسائل المواصلات.
- تحفيز الشباب على التعلق بوطنهم الأم وعدم التخلّي والتفريط به مهما حصل.
- القضاء على المحسوبية والواسطات.
- فتح أماكن لاستثمار كافّة مؤهلات الشباب، مثل الجمعيات والمؤسسات والنوادي الثقافية.
- تحقيق مبدأ المساواة والعدل.
وفي نهاية مقالنا الذي تحدث عن الهجرة، أستطيع القول إن الهجرة ليست مجرد الانتقال من مكان إلى آخر، بل هي رحلة نحو تحقيق الأمل والفرص الأفضل.