الذكاء الاصطناعي والروبوتات الاجتماعية: تأثيرها على العلاقات الإنسانية

قبل توضيح مفهوم الروبوتات الاجتماعية، يجدر بنا أن نذكر الذكاء الاصطناعي ومدى انتشاره وسرعة تطوره في العالم. فما هو الذكاء الاصطناعي؟ يُعرَّف الذكاء الاصطناعي على أنه سلوك وخصائص معينة تتسم بها البرامج الحاسوبية، مما يجعلها تحاكي القدرات الذهنية البشرية وأنماط عملها. في حديثنا عن الذكاء الاصطناعي، لا بد من القول أنه يمكن للذكاء الاصطناعي معالجة المعلومات على نطاق واسع، من خلال مواجهة الأنماط وتحديد المعلومات وتقديم الإجابات. يمكن استخدام الذكاء الاصطناعي في حل المشكلات التي تواجه مجموعة من المجالات مثل إدارة الأزمات، اكتشاف الاحتيال، التشخيص الطبي، وتحليلات الأعمال.

أما بالنسبة للروبوتات الاجتماعية، فهي نوع من الروبوتات المصممة للتفاعل مع البشر. يتم العمل على هذه الروبوتات لتصبح قادرة على محاكاة مشاعر البشر والتعامل معهم بناءً على ذلك. إذًا، كيف يمكن للروبوتات الاجتماعية أن تؤثر على العلاقات الاجتماعية بين البشر؟ هذا ما سيتم تناوله في المقال.

تصميم الروبوتات الاجتماعية باستخدام الذكاء الاصطناعي

الروبوتات الاجتماعية (Social Robotics) هي مجال بحث يتعلق بدراسة آثار وتعقيدات تصميم السلوكيات الاصطناعية الاجتماعية، المكانية، والثقافية، واللمسية، وكذلك بروتوكولات وتفاعلات الروبوتات مع بعضها البعض ومع البشر على حد سواء. هذه الروبوتات تعتمد على الذكاء الاصطناعي للتفاعل مع البشر والروبوتات الأخرى. من ميزات هذه الروبوتات أنها قادرة على تولي وظائف العمل بالكامل، مثل التحية وخدمة العملاء الأساسية.

التقنيات المستخدمة في الروبوتات الاجتماعية

إليكم ثلاثة من التقنيات المستخدمة في الروبوتات الاجتماعية:

1. الرؤية الحاسوبية (Computer Vision):
الهدف من هذه التقنية هو تمكين الروبوت من رؤية العالم من حوله والتعرف على الأشخاص، الأشياء، والبيئات.
2. الذكاء الاصطناعي (AI) والتعلم الآلي (Machine Learning):
الهدف من هذه التقنية هو تمكين الروبوت من تعلم كيفية التفاعل بشكل طبيعي مع البشر وتحسين أدائه مع مرور الوقت.
3. معالجة الصوت (Speech Processing):
تهدف هذه التقنية إلى جعل الروبوت قادرًا على التفاعل الصوتي مع البشر.

أمثلة على روبوتات اجتماعية

1. صوفيا:
تم تطوير “صوفيا” من قبل شركة Hanson Robotics في 2016، وهي روبوت شبيه بالبشر يتمتع بقدرات ذكاء اصطناعي. يتيح لها مظهرها وتعبيرات وجهها محاكاة المشاعر الإنسانية والمشاركة في المحادثات. تم عرض “صوفيا” في العديد من الأحداث العالمية مثل CES ومؤتمر الأمم المتحدة للذكاء الاصطناعي. تستخدم صوفيا تقنيات معالجة اللغة الطبيعية والتعلم الآلي لتحسين تفاعلاتها. في 2017، حصلت على الجنسية السعودية لتكون أول روبوت يحصل على الشخصية الاعتبارية.
2. أميكا:
هو روبوت تم تطويره بواسطة شركة Engineered Arts البريطانية، وكُشف عنه في ديسمبر 2021 وظهر في CES 2022. يحتوي على كاميرات وميكروفونات للتعرف على الوجوه والعواطف والأصوات. يتمتع بقدرة على تحريك رأسه ووجهه وأجزاء من جسده لتوليد تعبيرات واقعية، ويتحدث بعدة لغات. تم تصميمه لأغراض بحثية في مجالات الذكاء الاصطناعي والتفاعل بين الإنسان والروبوت.
3. Geminoid DK:
تم إصدار Geminoid DK في 2011، وهو روبوت شبيه بالبروفيسور الدنماركي هنريك شارفي. يتكون من هيكل معدني مغطى بجلد سيليكون وشعر بشري وصناعي. يتمتع بتعبيرات وجه واقعية وحركات مستقلة مثل التنفس والرمش، بفضل المحركات الهوائية في وجهه ورقبته. تم تطويره بالتعاون بين هيروشي إيشيغورو وفريقه لدراسة التفاعلات بين الإنسان والروبوت.
4. نادين:
هو روبوت اجتماعي شبيه بالبروفيسورة نادية ماغنينات تالمان، تم تطويره في جامعة نانيانغ التكنولوجية (NTU) عام 2015. يهدف الروبوت لأن يكون موظف استقبال أو رفيق اجتماعي للأشخاص ذوي الاحتياجات الخاصة. يستخدم الذكاء الاصطناعي للتحدث بست لغات، وتذكر وجوه الأشخاص وتفاعلاتهم السابقة، بالإضافة إلى القدرة على قراءة القصص، إرسال الرسائل، وإجراء مكالمات الفيديو. تم تطويره بالتعاون بين شركة Kokoro وفريق Thalmann.
5. BINA48:
هو روبوت تم تصميمه بواسطة Hanson Robotics ورائدة الأعمال مارتين روثبلات. يتكون من تمثال نصفي فقط (رأس وكتفين) ولا يحتوي على جذع. تم تطويره لمحاكاة شخصية بينا أسبن، زوجة مارتين، بهدف دراسة إمكانية تخليد العقول البشرية بعد الموت باستخدام الذكاء الاصطناعي. يعتبر BINA48 أحد الروبوتات الأكثر شبيهًا بالبشر، وأُطلق عليه لقب “الروبوت الأكثر حساسية في العالم”.

أثر الذكاء الاصطناعي على العلاقات الاجتماعية

الذكاء الاصطناعي (AI) يقدم فوائد كبيرة في مجالات مثل البحث عن الحب، التفاوض في الصفقات التجارية، ومساعدة الأشخاص الذين يعانون من الاكتئاب. ومع ذلك، يحذر الخبراء من أن الاعتماد المفرط على التكنولوجيا قد يؤدي إلى تقليل قيمة الاتصال البشري ويؤثر سلبًا على المصداقية.

التفاعل مع الروبوتات مقابل البشر

هناك اختلافات واضحة بين التفاعل مع الروبوتات والتفاعل مع البشر، ويمكن تلخيص هذه الاختلافات كما يلي:

1. الطبيعة العاطفية:
البشر يمكنهم التعبير عن مشاعر حقيقية ومعقدة، بينما الروبوتات تحاكي العواطف بشكل برمجي.
2. المرونة والتعقيد:
البشر قادرون على التكيف مع المواقف المعقدة وغير المتوقعة، بينما الروبوتات غالبًا ما تكون محدودة في استجاباتها وفقًا للبرمجة.
3. التفاعل الاجتماعي:
البشر يتفاعلون بمرونة مع الإشارات الاجتماعية غير اللفظية، بينما الروبوتات يمكنها محاكاة هذه الإشارات ولكن دون فهم عميق للسياق الاجتماعي.
4. التكامل الاجتماعي والقبول:
البشر يبنون علاقات عاطفية معقدة، بينما التفاعلات مع الروبوتات تظل سطحية ومحدودة بسبب غياب العواطف الحقيقية.
5. الثقة والمصداقية:
البشر يبنون الثقة عبر الزمن، بينما قد تثير الروبوتات القلق حول الخصوصية والمصداقية.
6. الاستجابة للبيئة:
البشر يتكيفون عاطفيًا وفكريًا مع بيئتهم الاجتماعية، بينما الروبوتات تقتصر استجابتها على البرمجة أو التدريب.

الخلاصة:
التفاعل مع البشر يتميز بالعمق العاطفي والمرونة الاجتماعية، بينما التفاعل مع الروبوتات يظل محدودًا وبرمجيًا، ما يجعل التفاعل البشري أكثر تعقيدًا وواقعية.

تحديات جديدة للعلاقات الإنسانية بسبب الذكاء الاصطناعي والروبوتات

1. فقدان الاتصال الشخصي:
زيادة استخدام الذكاء الاصطناعي قد يؤدي إلى تقليل القدرة على بناء علاقات عميقة ويحد من التواصل العاطفي المباشر بين الأفراد.
2. العزلة الاجتماعية:
قد تحل الروبوتات والمساعدات الذكية محل التفاعلات الإنسانية، مما يؤدي إلى علاقات سطحية وزيادة العزلة الاجتماعية.
3. تغير مفهوم العلاقات العاطفية:
تطور الروبوتات الاجتماعية قد يدفع البعض لتطوير مشاعر تجاه الآلات، مما يغير مفهوم الحب والصداقة.
4. التقليل من مهارات التواصل الاجتماعي:
الاعتماد على الذكاء الاصطناعي قد يؤثر على مهارات التواصل التقليدية مثل قراءة تعبيرات الوجه والتعاطف.
5. تهديد الخصوصية والثقة:
جمع البيانات الشخصية قد يشكل تهديدًا للخصوصية ويؤثر على الثقة في العلاقات الاجتماعية والمهنية.

التوازن بين الفوائد والتحديات في استخدام الذكاء الاصطناعي والروبوتات في العلاقات الإنسانية

1. استثمار التكنولوجيا دون استبدالها:
يمكن استخدام الذكاء الاصطناعي كأداة مكملة للتفاعل الاجتماعي، وليس كبديل للعلاقات الإنسانية الحقيقية.
2. تعزيز مهارات التواصل البشري:
من المهم تشجيع الأفراد على الحفاظ على مهارات التواصل التقليدية مثل التعاطف والتفاعل المباشر.
3. الاهتمام بالخصوصية والأمان:
يجب فرض قوانين لحماية الخصوصية وضمان الشفافية في كيفية جمع واستخدام البيانات الشخصية.

 

المصادر:

aawsat.com

wikipedia

arabic.rt.com

ibm.com

اترك تعليقا

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على ذلك ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. قبول قراءة المزيد