أسرار التداول: اكتشف كنوز الأسواق والعملات المشفرة

في عالمنا المتسارع اليوم، لم يعد التداول مجرد نشاط يمارسه الخبراء الماليون والمستثمرون الكبار فحسب، بل أصبح متاحًا للجميع بفضل التطور التكنولوجي الهائل. وقد يشكل عالم التداول تحديًا كبيرًا لأي شخص يحاول الدخول إليه لأول مرة، إذ يتطلب فهمًا شاملاً ودقيقًا للتفاصيل من أصغرها إلى أكبرها. هذا المقال سيتناول كل ما يتعلق بالتداول، بداية من الأساسيات وصولاً إلى المعاملات الرقمية التي باتت واحدة من أهم الأدوات الاستثمارية في العصر الحديث، حيث أصبح الذكاء الاصطناعي أداة قوية أحدثت تحولًا جذريًا في عالم التداول.

ما هو التداول؟

عملية شراء وبيع الأصول بغية تحقيق الربح. يمكن أن تشمل هذه الأصول الأسهم، والسلع، والعملات التقليدية، أو حتى العملات الرقمية. الفكرة الأساسية وراء التداول هي استغلال  تغيرات الأسعار، سواء كانت صعودًا أو هبوطًا، لتحقيق أرباح.

ما الفرق بين الاستثمار والتداول؟

البعض يخلط بين التداول والاستثمار، ولكن ثمة اختلاف ملحوظ بينهما.  يهدف المستثمرون في العادة إلى تحصيل فوائد على المدى الطويل عبر قيامهم بالاحتفاظ بالأصول لفترات طويلة، ما يعني أن المتداولين يسعون إلى تحصيل عوائد سريعة من التغيرات الآنية في الأسعار. هذا التباين يسلط الضوء على الفارق الجوهري في النهج والعقلية بين الطرفين.

مصطلحات أساسية في التداول

لفهمه بشكل كامل، يجب أن نتعرف على بعض المصطلحات الأساسية التي سترافقك خلال رحلتك في هذا العالم:

الأصل: هو أي شيء يتم تداوله، سواء كان سهمًا، عملة، أو حتى سلعة  كالذهب أو النفط.
السعر: هو القيمة الحالية للأصل التي يتم على أساسها الشراء أو البيع.
العرض: هو السعر الذي يكون فيه المشتري مستعدًا لشراء الأصل.
الطلب: هو السعر الذي يطلبه البائع مقابل الأصل.
الفارق السعري: هو الفرق بين سعر العرض وسعر الطلب، وهو الربح الذي يجنيه الوسيط.
الرافعة المالية: هي أداة تمكن المتداول من التداول بمبلغ أكبر مما يملكه، وذلك عن طريق اقتراض رأس المال من الوسيط. هذا يزيد من احتمالية الربح، ولكنه يزيد من المخاطر أيضًا.

ما هي أنواع التداول؟

هناك عدة أنواع  يمكن للمتداولين الاختيار بينها، وكل نوع له خصائص واستراتيجيات خاصة به:

1. التداول اليومي: يعتمد على فتح وإغلاق الصفقات في نفس اليوم، دون ترك أي مراكز مفتوحة حتى اليوم التالي. هذا النوع يتطلب مراقبة باستمرار للسوق ليتم تحقيق أرباح سريعة من تقلبات الأسعار الصغيرة.

2. التداول المتأرجح: والذي يعتمد على الاحتفاظ بالأصل لفترة تتراوح بين أيام إلى أسابيع، حيث يحاول المتداولون الاستفادة من الاتجاهات السعرية المتوسطة.

3. التداول طويل الأجل: ويتم فيه الاحتفاظ بالصفقات لفترات طويلة تمتد إلى أشهر أو سنوات، ويشبه هذا النوع إلى حد ما الاستثمار، ولكنه يتم بالاعتماد على التوقعات الاقتصادية والسياسية طويلة الأجل.

4. التداول الآلي: وهذا النوع يعتمد على برامج الكمبيوتر والخوارزميات يتم من خلالها اتخاذ قرارات التداول، ويستخدم غالبًا في المؤسسات المالية الكبيرة.

كيف ستبدأ في التداول؟

قبل أن تبدأ في التداول، عليك اتباع بعض الخطوات الأساسية لضمان النجاح والحد من المخاطر:
1. التعلم والمعرفة

وهي الخطوة الأولى التي يجب على أي متداول مبتدئ اتخاذها. لا يمكن تحقيق النجاح في التداول دون فهم الأساسيات والمخاطر التي من الممكن أن يتعرض لها المتداول. هناك العديد من الموارد التعليمية المتاحة، بدءًا من الكتب والمقالات وصولاً إلى الدورات التعليمية المتخصصة من خلال الإنترنت.

2. اختيار وسيط ثقة

الوسيط هو المنصة التي ستقوم عن طريقها بالتداول. عند اختيارك لوسيط، يجب مراعاة عوامل عدة مثل سمعة الوسيط، الرسوم التي يفرضها، أنواع الأصول التي يقوم بتوفيرها، وخدمات الدعم المتاحة. تأكد من اختيارك وسيط مرخص وموثوق لتتجنب الوقوع في أي عمليات احتيال.

3. فتح حساب تجريبي

العديد من الوسطاء يقومون بتقديم حسابات تجريبية تتيح للمتداولين المبتدئين التدرب على التداول دون المخاطرة بأموالهم. هذا الحساب يساعدك على فهم كيف يتم تنفيذ الصفقات وتطبيق الاستراتيجيات التي تعلمتها في بيئة خالية من المخاطر.

4. البدء برأس مال صغير

من المهم دائمًا أن تبدأ بمبلغ صغير من المال يمكنك تحمل خسارته دون تأثيره على حياتك المالية. التداول يحمل في طياته الكثير من المخاطر، ما يوجّب عليك أن تكون مستعدًا لخسارة جزء من رأس المال قبل البدء في تحقيق الأرباح.

5. التخطيط المالي ووضع استراتيجية

يجب على المتداول وضع استراتيجية مالية واضحة المعالم قبل البدء. هذه الاستراتيجية يجب أن تحدد مقدار المال الذي ستخصصه للتداول، الأصول التي ستقوم بتداولها، والوقت الذي ستخصصه لمراقبة السوق.

استراتيجيات التداول

من الضروري أن يكون لديك خطة واضحة. هناك عدة استراتيجيات لتحقيق ذلك:

1. استراتيجية الزخم : تعتمد هذه الاستراتيجية على الدخول في الصفقات بناءً على التحركات السعرية والقوية. إذا كانت هناك حركة صعودية قوية، يقوم المتداول بشراء الأصل مع توقع استمرار هذا الاتجاه.

2. استراتيجية التراجع : يعتمد المتداول فيها على الشراء عند حدوث تراجع مؤقت في السعر في الاتجاه الصعودي أو البيع عند تراجع مؤقت في الاتجاه الهبوطي.

3. استراتيجية المتوسط المتحرك: تعتمد هذه الاستراتيجية على استخدام المتوسطات المتحركة لتحديد الاتجاهات طويلة الأجل، والدخول في الصفقات عندما يتقاطع السعر مع المتوسط المتحرك.

ما هي العملات الرقمية؟

العملات الرقمية نوع من الأصول الرقمية التي تستخدم التشفير لتضمن الأمان والتحقق من المعاملات. وجدير بالذكر أن البتكوين هي واحدة من أشهر العملات الرقمية، التي ظهرت للمرة الأولى في عام 2009، وسرعان ما لحقتها العديد من العملات الأخرى مثل الإيثيريوم، الريبل، ولايتكوين.

كيف تعمل العملات الرقمية؟

العملات الرقمية تقوم بالاعتماد على التقنية المعروفة باسم “البلوكشين” (Blockchain). البلوكشين هو دفتر أستاذ رقمي يحتوي على جميع المعاملات التي تمت من خلالها استخدام العملة الرقمية. حيث يتم توزيع هذا السجل عبر شبكة من أجهزة الكمبيوتر، مما يجعل من الصعب جدًا أن يتم تزوير أو تغيير المعاملات.

التداول بالعملات الرقمية

التداول بالعملات الرقمية مشابه إلى حد كبير تداول الأصول الأخرى مثل الأسهم أو العملات الأجنبية. يتم الشراء والبيع بناءً على تغيرات الأسعار، ويمكن أن يتم تحقيق أرباح كبيرة من التحركات السعرية اليومية. وبالرغم من ذلك، فإن العملات الرقمية معروفة بتقلباتها العالية، وبالتالي هناك فرصة كبيرة لتحقيق أرباح كبيرة، لكن يجب مراعاة المخاطر الكبيرة المتعلقة بالخسارة أيضًا.

أمثلة على العملات الرقمية

البيتكوين (Bitcoin): وهي العملة الرقمية الأولى والأشهر.
تُعتبر البيتكوين واحدة من أكثر العملات الآمنة والموثوقة، كما أنها تمثل الأصل الرئيسي في سوق العملات الرقمية.
الإيثيريوم (Ethereum): والتي تختلف عن البيتكوين بأنها ليست مجرد عملة رقمية، بل هي منصة تتم بالاعتماد على العقود الذكية التي تمكن المطورين من إنشاء تطبيقات لامركزية.

الريبل (Ripple): عملة رقمية تقوم بالتركيز على تسهيل التحويلات المالية الدولية بشكل أسرع وأرخص من المعتاد.

التداول بحر واسع

التداول يجسد عالمًا واسعًا ومعقد، ولكنه يمكن أن يكون مجزيًا جدًا للذين يتعلمون الأساسيات ويطبقون استراتيجيات ناجحة. سواء كنت مهتمًا بتداول الأسهم، السلع، العملات التقليدية، أو العملات الرقمية، فإن هذا المجال يتطلب منك التزامًا بالتعلم  والتعرف المستمرين والانضباط.

الآن, ما هي العوامل النفسية وما هو تأثيرها على قرارات المتداولين؟

من بين أكبر التحديات التي يواجهها المتداولون في الأسواق المالية هي العوامل النفسية التي تؤثر بشكل حساس على قراراتهم الاستثمارية. حيث يعتبر الخوف والطمع من أكثر المشاعر انتشارًا والتي يمكن أن تقود المتداولين إلى اتخاذهم قرارات غير مدروسة. يمكن أن يتجلى ذلك، على سبيل المثال عند إدراك انخفاض حاد في قيمة أحد الأصول، ما قد يدفع إلى الخوف من خسارة المزيد وبالتالي اتخاذ قرارات بيع سريعة وغير مدروسة. على الجانب الآخر، يمكن أن يدفع الطمع المتداولين إلى الدخول في صفقات ليست آمنة بسبب رغبتهم في تحقيق مكاسب سريعة بدون إجراء دراسة كافية. وهنا يظهر ما يسمى بالانضباط العاطفي الذي يعد من أهم عوامل النجاح في هذا المجال.

التغلب على التحديات النفسية يتطلب من المتداولين وعيًا ذاتيًا، وتطوير استراتيجيات محددة بشكل مسبق وأن يتم الالتزام فيها بشكل تام والقيام بتطويرها، بصرف النظر عن التغيرات المفاجئة في الأسواق. أحد هذه الاستراتيجيات هو التداول الذي يقوم على المخاطر المحددة، حيث يحدد المتداول بشكل مسبق مستوى المخاطرة الذي يمكنه استيعابه، مما يساعد على تخفيف الضغوط النفسية ويمنع القرارات العشوائية. كما أن التداول التجريبي، المعروف أيضًا باسم الحساب التجريبي، يساعد في إعداد المتداولين الجدد على كيفية التعامل مع الأسواق الفعلية بدون تعريض رؤوس أموالهم الحقيقية للخطر، مما يمنحهم مساحة لفهم ديناميكيات الأسواق والسيطرة على العوامل النفسية قبل الغوص في التداول بشكل مباشر.

 

المراجع

1.عبد الكريم عادل (أساسيات التداول في الأسواق المالية)
2.عزوز, سمير (التحليل الفني وأهميته في اتخاذ قرارات التداول)
3.النابلسي, علي (كيفية تداول الأسهم والسندات في الأسواق المالية)
4. الحداد, محمد (العملات الرقمية : مفهومهت وتاريخها وتأثيرها على الاقتصاد)
5. عطا الله, هاني(البتكوين والعملات المشفرة: تحديات وآفاق).
6. investopedia

اترك تعليقا

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على ذلك ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. قبول قراءة المزيد