أزمة الطاقة العالمية: أسبابها وتداعياتها على الاقتصاد وحلول محتملة
أزمة الطاقة العالمية
بعد بداية جائحة كوفيد-19 في عامي 2019-2020 التي سببت انخفاضًا سريعًا في الطلب على الطاقة وما تبعه من انخفاض في إنتاج النفط، وعلى الرغم من التذبذب الأصلي الناتج عن حرب أسعار النفط بين روسيا والمملكة العربية السعودية في عام 2020، استجابت منظمة أوبك ببطء إلى انتعاش الطلب في ظل الوضع الجديد، مما تسبب في اختلال في التوازن بين العرض والطلب، كما ضغطت أزمة سلسلة التوريد العالمية بشكل أكبر على تسليم النفط المستخرج.
تشتد أزمة الطاقة في الدول الكبرى المستهلكة للطاقة، التي اعتادت الحصول على الطاقة الرخيصة في الفترة من منتصف 2014 إلى نهاية 2020، وعلى رأس تلك الدول أميركا، وأوروبا، والصين، والهند، وبقية الدول المستوردة للطاقة، حيث ترتفع الأسعار، وتتراجع معدلات الإنتاج.
وثمة حالة من الإرباك تنتظرها اقتصاديات تلك الدول، بسبب موجة التضخم التي تشهدها الآن بشكل أولي، ولكنها ستزيد بلا شك مع حلول أشهر الشتاء، وستكون تداعياتها أكبر، بعد أن تؤثر حركات نقص الإمدادات للطاقة على رفع أسعار المنتجات في الصين وغيرها من الدول التي تعدّ مصدرا رئيسا للسلع التي تمثل احتياجات أساسية للاستهلاك والإنتاج.
ما تأثير الأزمة على خدمة الكهرباء وبقية السلع الاستهلاكية؟
أدّى ارتفاع أسعار النفط والغاز الطبيعي إلى زيادة أسعار استهلاك الكهرباء لدى المستهلكين وكذلك في الصناعات التي تعتمد على الكهرباء المولدة من الوقود الأحفوري (النفط، والغاز الطبيعي، والفحم)، فالأرقام تشير إلى أن أسعار الغاز بلغت 10 أضعاف مستواها منذ عام في كل من أوروبا وآسيا، في حين تضاعف سعر الغاز الطبيعي في أميركا 3 أضعاف في أكتوبر/تشرين الأول 2021، وفي ألمانيا ادى ارتفاع أسعار الغاز الطبيعي إلى ارتفاع أسعار الكهرباء 6 أضعاف عما كانت عليه في عام 2020.
أزمة الطاقة ستبقى معنا لسنوات طويلة
وفي حديثه لموقع “اقتصاد سكاي نيوز عربية” يؤكد الدكتور سلامة أن أزمة الطاقة ستبقى معنا لسنوات طويلة، مستنداً في ذلك إلى أربعة أسباب استخلصها من دراسته لسوق النفط العالمي، أولها أن الطلب العالمي على النفط سيستمر بشكل طويل، مشيراً إلى أن هذا الطلب سيبقى المحرك الرئيسي للاقتصاد العالمي ودونه لا يستطيع الاقتصاد العالمي أن يعمل باعتبار أن النفط والغاز هما عماد الاقتصاد العالمي.
ويضيف خبير النفط العالمي الدكتور سلامة: “السبب الثاني يتجلى في أن سوق النفط العالمي سوق منقبض جداً الآن بمعنى أنه لا يوجد تخمة في السوق في حين أن السوق يعاني من نقص في إمدادات الطاقة سواء كانت غازاً أم نفطاً أم فحماً، أما الثالث فيتمحور بوجود انكماش في طاقة الإنتاج الإضافية في العالم بما في ذلك منظمة أوبك، في حين تمثل عودة الصين إلى سوق النفط العالمي وقوة طلبها ودعمها للنفط والغاز السبب الرابع”.
أزمة الطاقة: ست حلول تلجأ إليها الدول للتغلب على ارتفاع أسعارها
- الحد من التدفئة وتكييف الهواء
- استمطار السحب
- العمل لفترات أقل
- تقليل أيام الدراسة
- الاتجاه للطاقة النووية
- الطاقة الشمسية
أسباب أزمة الطاقة العالمية:
- العوامل الاقتصادية: أسهم انخفاض أسعار النفط والغاز في السنوات الماضية في تخفيض الاستثمار في الصناعة، كما أسهم في تخفيض أسعار الفحم، وتخفيض الاستثمار فيه. وأسهمت مبالغات وكالة الطاقة الدولية وحماة البيئة والإعلام الموالي في تخفيض الاستثمار في الصناعة أيضاً.
- العوامل الطبيعية: بتوقف الأمطار وحدوث الجفاف في مناطق مختلفة من العالم، ما خفض توليد الكهرباء من الطاقة الكهرومائية. ولا يمكن التعويض عنها بالطاقة المتجددة، فتم استخدام مزيد من الغاز والفحم، وأحياناً زيت الوقود، كما تم ترشيد الكهرباء، وأحياناً انقطاعها.
- الأسباب الفنية: لم تتمكن الدول المختلفة من إعادة ملء مخزون الغاز والفحم مع نهاية فصل الشتاء بسبب الانتعاش الاقتصادي وزيادة الطلب على الطاقة.
- العوامل السياسية: ولعبت العوامل السياسية الدور الأكبر في أزمة الطاقة الحالية، إذ إن معظم الأزمة جاء نتيجة قرارات سياسية تضمنت التخلص من الفحم والطاقة النووية سريعاً، ولكنّ ثمة فشلاً في إيجاد بدائل لهما. فقد تم التركيز على الطاقة الشمسية والهوائية، مع تجاهل الفحم والطاقة النووية كجزء من مزيج الطاقة المتوازن الذي يمكن أن يضمن الاستقرار في الإمدادات.